بعد عدة اشهر قضاها المسؤولون عن الملفات التسعة المرشحة لاستضافة كأسي العالم 2018 (اربع دول اوروبية) و2022 (اربع دول اسيوية والولايات المتحدة)، في التجوال حول العالم لاقناع اعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي بأحقية دولهم في استضافة العرس الكروي، دقت الان ساعة الحقيقة بالنسبة الى هؤلاء الذين سينتظرون بترقب وحذر شديدين ما ستؤول اليه نتيجة التصويت المقرر غدا الخميس في مقر الفيفا في زيوريخ.
وانحصر السباق نحو استضافة مونديال 2018 بين اربعة ملفات اوروبية هي انكلترا وروسيا، بالاضافة الى ملفين مشتركين لكل من البرتغال واسبانيا، وهولندا وجارتها بلجيكا.
اما السباق لاستضافة مونديال 2022، فيشهد صراعا بين الولايات المتحدة من جهة، واربع دول اسيوية من جهة اخرى هي قطر واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا.
والقت الرشوة بظلالها على سباق الاستضافة خصوصا في الشهرين الاخيرين بعد معلومات اوردتها صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية التي زعمت من خلال شريط فيديو ان النيجيري اموس ادامو، احد اعضاء المكتب التنفيذي للفيفا، طلب مبلغ 800 الف دولار (570 الف يورو) للتصويت لاحد البلدان المرشحة، اذ صورت لقاءه مع صحافيين "سريين"، قدموا انفسهم وسطاء للتسويق لملف الولايات المتحدة في مونديال 2018، مقابل مبلغ من المال لمشروع خاص.
واوضحت الصحيفة ايضا ان رئيس الاتحاد الاوقياني ونائب رئيس الفيفا الهايتي رينالد تيماري يريد 3ر2 مليون دولار (6ر1 مليون يورو) لمشروع اكاديمية رياضية في أوكلاند، كاشفة تباهيه ايضا انه تلقى عرضين من ممثلي ملفين اخرين للحصول على صوته.
واثر هذه المعلومات والحرج الذي اصاب الفيفا، فتح تحقيقا في 18 تشرين الاول/اكتوبر الماضي بحق العضوين وطالب من لجنة الاخلاق القيام بتحقيق معمق ومستقل في هذا الصدد، وبعد ثلاثة ايام قرر ايقاف العضوين مؤقتا قبل الاستماع اليهما.
وفي منتصف الشهر الماضي وبعد الاستماع الى دفاع عضوي اللجنة التنفيذية، اوقفت لجنة الاخلاق في الفيفا ادامو لمدة 3 اعوام مع تغريمه 10 الاف فرنك سويسري (7400 يورو)، فيما اوقف تيماري لمدة عام واحد مع غرامة بقيمة 5 الاف فرنك سويسري.
وتشوهت صورة الفيفا اكثر واكثر، عندما كشف شريط لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) الاثنين الماضي تلقي 3 اعضاء من اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي اموالا في اطار فضائح رشوة ايضا.
وحصلت الاذاعة على وثائق حصرية بخصوص مبالغ دفعها "انترناشنال سبورتس اند ليجر" (اي اس ال) وهي مؤسسة تسويقية حصلت على الحقوق الحصرية لكؤوس عالم عدة قبل ابعادها عام 2001.
وتتعلق هذه الوثائق الداخلية لهذه المؤسسة ب175 دفعات غير قانونية في الفترة بين 1989 و1999 بقيمة 100 مليون دولار. وبحسب مجلة بانوراما لل"بي بي سي" فان هذه الدفعات كانت بهدف رشوة مسؤولين كبار في الاتحاد الدولي.
واشار المصدر الى دفعات لشركة "سانود" لصالح ريكاردو تيكسييرا عضو اللجنة التنفيذية ورئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم. وكان تحقيق لمجلس الشيوخ البرازيلي عام 2001 اكد بان تكسييرا تسلم اموالا من شركة "سانود".
واتهم الشريط ايضا رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم الكاميروني عيسى حياتو حيث تسلم 100 الف فرنك عام 1995، ونيكولا ليوز رئيس الاتحاد الاميركي الجنوبي بتسلمه ما مجموعه 730 الف دولار من "اي اس ال".
لكن فيفا رفض مزامع برنامج بانوراما معتبرا بان السلطات السويسرية حققت في الامر واقفلت الموضوع نهائيا قبل سنوات.
واصدر الفيفا بيانا اعتبر فيه أن "التحقيقات المتعلقة بهذه القضية تعود الى سنوات عدة وقد حققت فيها السلطات المختصة في سويسرا" مشيرا الى انها لم توجه التهمة الى اي من اعضاء اللجنة التنفيذية".
واضاف: "يجب التذكير ايضا بان هذا القرار صدر بشأن أمور حدثت قبل عام 2000 ولم تصدر اي ادانة من المحكمة ضد الفيفا". وختم البيان "القضية اغلقت تماما".
وقدمت لجنة التفتيش في الفيفا التي قامت بجولات مكوكية على الدول التسع المرشحة على مدى حوالي ثلاثة اشهر متواصلة، تقاريرها الفنية المتعلقة بنقاط القوة والضعف في كل ملف ومنحت افضلية لبعض الملفات على اخرى، لكن امورا اخرى قد تأخذ في عين الاعتبار لدى تصويت اعضاء اللجنة التنفيذية وهو ما المح اليه رئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتر قبل ايام بقوله "نحن هنا لا نتعامل مع مؤسسة الفيفا، بل مع بشر، وبالتالي فان هؤلاء البشر قد يكون لديهم افكار مختلفة عما ورد في التقارير الفنية".
صراع محموم
ويبدو من الصعب التكهن بهوية الفائز في السباقين لكن الدلائل في الايام الاخيرة تشير الى انحصار السباق في مونديال 2018 بين روسيا والملف المشترك لاسبانيا والبرتغال، مع تراجع اسهم الملف الانكليزي كثيرا في الايام الاخيرة، وهناك بعض المصادر تشير الى امكانية حتى خروجه من الدور الاول على يد هولندا وبلجيكا في حال لم يتمكن من ضمان اصوات منطقة الكونكاكاف الثلاث باكملها.
واشارت مصادر موثوقة لوكالة "فرانس برس"، بان "الملف الذي سيضمن اصوات الكونكاكاف في الدور النهائي سيحسم الامور في مصلحته" مع العلم بان رئيس هذا الاتحاد الترينيدادي جاك وارنر اكد بان الاصوات الثلاثة ستصب في مصلحة ملف واحد ولن تتوزع على اثنين او اكثر.
اما في نسخة عام 2022، فان الغموض هو سيد الموقف حيث المواجهة بين الولايات المتحدة من جهة واربعة ممثلين للقارة الاسيوية، مع ان مصدرا موثوقا كشف لوكالة فرانس برس بان الدور النهائي الحاسم سيكون بين قطر والولايات المتحدة.
ويعتبر المراقبون بانه يتوجب على الاصوات الاسيوية الاربعة ان تصب في مصلحة ملف واحد من القارة الصفراء في الدور النهائي في حال كانت الولايات المتحدة طرفا فيه، والا قد تخسر القارة السباق ويتعين عليها بالتالي انتظار اربع سنوات اضافية.
حقوق الطبع والنشر © 2010 AFP. جميع الحقوق محفوظة